للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد أخيه يزيد، وقرره على الشام كما يريد، فقرت بها قرارته، وأقمرت فيها دارته، وتحبّب إلى أهلها حتى كأنه بينهم ربي، أو لهم خبي، لتألفه لأهوائهم، وتعرفه لأدوائهم، بما دخل به على قلوبهم، لسد خلل مطلوبهم، فاستحمل طوياتهم، واستعبد نياتهم، حتى اتخذهم شيعة، وأنفذهم سهاما في كل وقيعة، واستمر حتى قتل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه، فقام يطلب بدمه، ويبدي التغصص بندمه، وشهر بالبكاء دمعته، وشهر بالانتكاء سمعته، وقال:

أنا ولي عثمان، لا أرجع بأربع ولا بثمان، لا أبيع دمي بالأثمان، ولا أتبع قدمي إلا المضرج بدمه ذلك الجمان، وذلك دين لم يقره أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه على الشام واليا، ولم يقله للإسلام كاليا.

قال ابن عباس رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين، ولّه شهرا واعزله دهرا، فقال: (وما كنت متخذ المضلين عضدا) «١» ، وكذلك قد كان، قال له المغيرة «٢» ، وهو أحد العرب دهاء، وأحق بحد لا يطرف عنه عينه التهاء، فأجابه بنحو فحوى ذلك الجواب، وكان سوى ما قصد الصواب، فلما رأى المغيرة أنه لا يقبل رأيه، تركه وصوب له رأيه وهو مهلكه، فأتاه ابن عباس والمغيرة قد خرج

<<  <  ج: ص:  >  >>