ومما يؤثر عنه أنه قال لابنه يزيد: اتخذ المعروف عند ذوي الأحساب، لتستميل به مودتهم، وتعظم به في أعينهم، ويكف به عنك عاديتهم، وإياك والمنع فإنه مفسدة للمروءة، وإزراء بالشرف.
ونظر معاوية إلى الهجار العدوي في عباءة فازدراه، فقال: يا أمير المؤمنين، إن العباءة لا تكلمك، وإنما يكلمك من فيها.
وقال يوما: أعنت على عليّ بكتمان سري، وفشي أسراره، وبطاعة أهل الشام لي، ومعصية أصحابه له، وبذلي المال، وإمساكه إياه.
وكان معاوية أكولا نهما، وهو أول من نوّع في [ص ٢٣٦] هذه الأمة المطاعم.
وحج معاوية، فلما كان بالأبواء «١» ، خرج يستقري مياه كنانة، حتى إذا صار إلى عجوز، فقال لها: من أنت، فقالت: من الذين يقول فيهم الشاعر:
[الطويل]
هم منعوا جيش الأحابيش عنوة ... وهم نهنهوا عنهم غزاة بني بكر
فقال لها معاوية: فإذن أنت دؤلية، قالت: فإني دؤلية، قال: أعندك قرى؟ قالت: عندي خبز خمير، وحيس «٢» كثير، ولبن حزير «٣» ، وماء نمير، فأناخ وجعل يأخذ الفلذة من الخبز فيملؤها من الحيس فيغمسه في اللبن ثم يأكل، حتى إذا فرغ قال: حاجتك؟ قالت: حوائج الحي، فنودي فيهم فأتاه الأعراب فرفعوا حوائجهم فقضاها، وامتنعت العجوز أن تأخذ شيئا لنفسها،