وكان معاوية يجوع في رمضان جوعا شديدا، فشكا ذلك إلى ابن أثال الطبيب، فاتخذ له الكنافة، فكان يأكلها في السحور، فهو أول من اتخذها.
وحكي أن أبا هريرة رضي الله عنه حضر صفين، فكان يصلي خلف عليّ، ويأكل على سماط معاوية، فاذا قامت الحرب اعتزل الفئتين، وقعد على تل هناك ينظر إليهما، فقيل له: ما رأينا رجلا يصنع مثل صنيعك، فقال: الصلاة خلف عليّ أفضل، وطعام معاوية أدسم، والقعود فوق التل أسلم وكان يقال: إنه على سعة كرمه ربما بخل على الطعام. حكي أن رجلا أكل معه فنظر معاوية إلى الرجل فرأى شعرة في لقمة تناولها من الطعام، فال له: أزل الشعرة، فألقاها من يده، ثم أبى أن يأكل، وقام وهو ينشد:
[الطويل]
وللموت خير من زيارة باخل ... يلاحظ أطراف الأكيل على عمد
وأكل معه صعصعة بن صوحان، فتناول شيئا بين يديه، فقال له معاوية:
لقد أبعدت النجعة، فقال: من أجدب انتجع. وتغدى [ص ٢٣٧] معه يوما عبيد الله بن أبي بكر، ومعه ابنه بشير، فأكثر ابنه من الأكل، ومعاوية يلحظه، فلما خرج ابن عبيد الله لامه أبوه على ما صنع، ثم عاد عبيد الله وليس معه ابنه، فقال له معاوية: ما فعل ابنك التلقامة، قال: قد علمت أن أكله سيورثه داء.
ولد قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس سنين، وتوفي في رجب سنة ستين، ومدة عمره ثمان وسبعون سنة تقريبا، ومدة خلافته تسع عشرة سنة وأشهر، وقبره خارج باب الصغير بدمشق.