سعيد «١» بدمشق، وكاد يصيبه الرشق، ويصل إليه من تغريق الخطبة المشق، وأحاط به البلاء، وادّاركت عليه النّوب الولاء، وظن أنه قد أخذ، وأن ملكه قد تمزق، وهو مع هذا جمل تحمل ما حمل، وجبل لو تقسمه أهل الأرض ما حوّل، فجثا على ركبتيه، وجفا المنام مقلتيه، وادّكر تحيف القوم لممالكه، وتحيّن الأوقات لمهالكه، فشمر لطلابها، وضمّر خيله لغلابها، وبدأ بالعود إلى دمشق وخادع عمرو بن سعيد حتى استنزله عن سريرها، واستقلّه أن يبيت ضجيع سرورها، وما زال به حتى استدعاه خاليا، واستدناه مماليا، حتى إذا كان قريبا منه وثب عليه، وبث سر حنقه إليه، ثم أشرف فهاله تجمع أصحابه بداره ليوقع ما به وبداره، وكان لا طاعة له على جمعهم، ولا طاقة له بدفعهم، فوجد الحيلة أنصر له وأقدر على هدر دم من قتله، فكأنما كان سكر أصحابه، فألقى رأسه إلى أصحابه، مقرونا بنثار من الذهب، شغلهم لقطه عن أخذ ثأر من ذهب، فراح دمه مطلولا، وطاح لا يجد عنه سائلا ولا مسئولا، ثم يطلب الاثنين ولم يبد اكتراثه، ولا قال: وما شر الثلاثة «٢» ، فوجه الحجاج نحو ابن