للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزبير، يمحو بقية ذلك الخير، ففعل تلك القبائح [ص ٢٥٣] وأكثر بمكة لا بمنى تلك الذبايح، من دماء محرمات سفكها، وحرمات انتهكها، ورمى بخطارة المنجنيق، حجارة البيت العتيق، نصبها على أبي قبيس وقيقعان «١» ، ورمى الكعبة فتحامتها الحجارة، ورامتها فما أومى إليها بناؤها بإشارة، وحمت الملائكة حماها، وصانت عن تقبيل ثغور تلك الحجارة لماها، ففطن أن الملائكة تدفع عن أركانها، وتمنع من مكانها، فلطخ الحجارة بالعذرة، وألقاها إذ كانت الملائكة تتوقاها، فأصاب جدارها، وأصار إلى الأرض أحجارها، فأحل من الحرم ما لم يحل، واستحل ما لا يجوز لمستحل، وبث الأضاليل، ونصب حبائل الأباطيل، وقصد بيت الله بأشد مما قصده إبرهة عام الفيل، إلا أن حرمة تسميته بالإسلام، دفعت عنه عاجل البلاء، وأخّرته وما تقول إنها سامحته، ولكنها أنظرته، ثم لما قتل ابن الزبير، أمر له بجذع فنصب، ومنّ به إليه فصلب، وكانت أمه قد قالت له: يا بني لأن تقتل خير من أن تختل «٢» ، فقال: أخشى أن يمثلوا بي، فقد نمي إليّ أنهم تقبّلوا له بصلبي، فقالت: يا بني لا يضرك هرير النبح، فالشاة لا يؤلمها السلخ، بل الذبح، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول:

جنبوني خشبة ابن الزبير وتجنّبها، ويحس بها ولا يقربها، فعبر ليلة عليها فوقف عليه مترحما، وقال: والله لقد عهدتك صوّاما قوّاما، وإنما أعجبتك بغلات معاوية، وولى ودموعه هاوية.

وذلك بعد أن نهد عبد الملك إلى مصعب، ونهض كأنه جمل مصعب، فسار يتقدم فرسانه، ويتخطم في أرسانه، ولم يثن همّته فيما يصان به عرينها حصان عليها عقد در يزينها، إذ كان من قوم من عهد لؤي بن غالب، ما لوى به

<<  <  ج: ص:  >  >>