للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سليمان، وكتب ببيعته إلى المدينة وسائر الآفاق [ص ٢٦٧] . ثم مرض عبد الملك مرض موته، فقال بعض الأطباء إن شرب الماء مات، فاشتد عطشه، فقال: يا وليد اسقني، قال: لا أعين عليك، فقال: يا فاطمة اسقني، فقامت لتسقيه فمنعها الوليد، فقال للوليد «١» لتدعنها أو لأخلعنك، فقال: لم يبق بعد هذا شىء، فسقته، فخمد، وكان عبد الملك قد كرب للموت، فقال: اصعدوا بي أعلا الدار، فصعد، فرأى من كوة فيها قصّارا وحوله حمار له يرتع، فقال: يا ليتني كنت قصارا، يا ليتني كنت حمار القصار، فأتى الوليد يسأل عنه، وفاطمة بنت عبد الملك تبكي، ففتح عبد الملك عينه وأنشد:

[الطويل]

ومستخبر عنّا يريد لنا الردى ... ومستخبرات والدموع تسيل

ثم طلب ابنه الوليد وقال له: إذا أنا مت فضعني في قبري ولا تعصر عينيك عصر الأمة، ولكن شمّر وابرز والبس للناس جلد نمر، فمن قال برأسه كذا، فقل بسيفك هكذا، فقلّ ما اجتمع فحلان في ذود «٢» إلا بغى أحدهما على الآخر، فكن أنت الباغي، ثم بقي بمنتبهه يقول: إنه لا يجتمع فحلان في ذود، ولا سيفان في غمد.

ولد عبد الملك في رمضان سنة عشرين، وتوفي في نصف شوال سنة ست وثمانين، وعمره ثلاث وستون سنة، ومدة ولايته بعد مقتل ابن الزبير، وهي الخلافة المجمع عليها، ثلاث عشرة سنة، وثلاثة أشهر، وخمسة عشر يوما، وكانت الفتنة نحو تسع سنين، وقبره خارج باب الجابية بدمشق.

وقال شاعر يرثيه:

<<  <  ج: ص:  >  >>