وكان الوليد أخوه ولاه فلسطين فأحدث مدينة الرملة، وبنى مسجدها، وأتاه نعي الوليد، وكان ولي العهد بعده، فخرج من فلسطين إلى دمشق، فكانت ولايته سنتين وثمانية أشهر، فأسف الرعايا على ملكه القصير، وزمانه الغض النضير، ولكن ليالي الوصل فيهن تقصير، ومات بدابق، ودفن بها وكفّن، ثم وسّد في مضاجع تربها، وذلك في سنة تسع وتسعين، وكان يوم مات ابن خمس وأربعين، وحسبه من حسن الخاتمة في الدنيا والإمارة الدالة على تنقله في الدرجات العليا، أن صلى عليه الرجل الصالح عمر بن عبد العزيز رحمه الله، ورحل من حرم الخلافة المستباح، إلى حرز الله الحريز، وكان له أولاد، منهم أيوب المكنى به، وكان من قريش عفافا وأدبا، وكان أبوه قد بايع له بالعهد، وكان مؤدبه وحاضنه عبد الله بن عبد الأعلى الشاعر، وقال فيه جرير:
[البسيط]
إن الإمام الذي ترجى فواضله ... بعد الإمام ولي العهد أيوب [ص ٢٧٥]
وهلك في حياة أبيه، ورثاه عبد الله بن عبد الأعلى، بقصيدة يقول فيها:
[الكامل]
قد بان أيوب الذي لفراقه ... سرّ العدوّ غضاضتي وتخشّعي
أيوب كنت تجود عند سؤالهم ... وتظل منخدعا وإن لم تخدع
قال البلاذري: خرج سليمان إلى دابق «١» ليغزي منها، فأغزاهم وعليهم ابنه أيوب، ومعه مسلمة بن عبد الملك، وكان أيوب ولي عهده، فلما احتضر