شمام «١» ، بعزمة لا يفرى فريها، وهمة لا يقصر عبقريها، هو الأحول الحوّل، المنوّه والمنوّل، وهو واحد القوم ولا لوم، لم يكن في القوم أحوط منه حزما، ولا أحوج إلى أن لا يجد عزما، بما طاوعته المقادير وتابعته، لا يلوي بالمعاذير، ومنه البقية الأموية الداخلة إلى الأندلس أيام السفاح الداخرة، لخوفها في قصوره تحت العمد والصفاح، حتى هبّت ريحها، وذهبت فيحها، وإنما كانت بقية من سعادته ردت على الأعقاب، وردت ملابس الملك الجدد للأعقاب، حتى توقد جمرهم الخامد.
وكان هشام فحل بني مروان، عزمة لا يفت في عضدها، وهمة لا يفوت حصول مقصدها، ولقد كان المنصور على اتساع علمه، وإجماع الناس على حزمه، يعظم شأن هشام إذا ذكره، وإذا ذكر في مجلسه شكره، ولا يكشف العوائد إلا من دواوينه، وثوقا بضبطه، ووقوفا في أمور الملك على شرطه، وجمع هشام من الأموال ما طاول جدر الخزائن اعتلاء، وأخرج صدور البيوت امتلاء، وأحوج الشمس أن لا يظهرها اجتلاء، إلا أنه كان مفرطا في البخل، لو تخيّل أن له شبيها في ضنانته بخل، كانت يده مغلولة، ومدده كلها لا يرى له فيها صرّة محلولة، ما عرفت أنامله يوما بسطا، ولا نائله مكانا إليه يتخطى، إلا أن رأيه