كان يصيب المقاتل، ويصيد المخاتل، بتوفيق ما خانه منذ عاهده، ولا حل رأيه بتأييده منذ عاقده، فما حال حائل بينه وبين من عانده، ولا حوّل حتى راجع ما أراده وعاوده.
وكانت خلفاء بني العباس تؤامر دواوينه، وتداوم قوانينه، وثوقا بحزمه الذي لم يكن فيه مطمع، وعزمه الذي ما رآه السيف إلا أوى إليه بالسجود وانحنى ليركع. قال البلاذري: كنيته أبو الوليد، وكان أحول بخيلا، وأمه أم هشام بنت الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، ويقال: عائشة بنت هشام، ويقال: مريم بنت هشام، وكانت أمه حمقاء، وكانت تثني الوسادة ثم تركبها [ص ٢٨٨] وتزجرها، فطلقها عبد الملك، وسار إلى مصعب وهي حامل، فلما قتله، بلغه مولد هشام فسماه منصورا تفاؤلا بذلك، وسمته أمه هشاما باسم أبيها، وولد هشام بن عبد الملك عام قتل مصعب سنة اثنتين وسبعين، وأتته الخلافة وهو بالزيتونة «١» ، ومات بالرصافة التي بقرب الرقة في شهر ربيع الآخر لست خلون منه سنة خمس وعشرين ومائة، وصلى عليه ابنه مسلمة، وكانت خلافته عشرين سنة إلا خمسة أشهر، ومات ليلة الأربعاء لسبع خلون من شهر ربيع الأول سنة خمس وعشرين ومائة، وهو ابن ثلاث وخمسين سنة.
قال المدائني: لما خلع يزيد بن المهلب «٢» ، وجه إليه يزيد بن عبد الملك