للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبذل بسببها لإفراط ولعه بالقيان، ونزوعه إلى المشاهدة لهن والعيان، هوى سلمى وسعدى، وفني بهما تيتما ووجدا، خطبهما في آل عثمان أختين كلف بكل واحدة منهما كلفا، انتهب خلبه، وشغف شغفا سلب من صدره قلبه، حتى كانت تلك الميتة ميتته، وتلك البيتة التي صبح في غداتها بيتته، ولحب عليه الدار، ولحّت عداته في طلبه بالدمار، فلما علم أن الموت قد أبرز له من خبّ الضلوع دفائنه، وأنشب به من مدى الأعداء براثنه، تاب حين لا متاب، وعتب حين لا ينفع الإعتاب، ولا يسمع العتاب، وأخذ المصحف وقعد يقرأ القرآن، ويدرأ الحد بالتظاهر بالإيمان، وبعد عن نفسه حين لا ينفع نفسا إيمانها، ولا يكفر سيئات إحسانها، ظنا أنه يقيه الإيمان ويقول يوم كيوم عثمان، وهيهات وقد حضرت المنية، ونظرت إلى مواضعها في بيوته الرزية، ونضحت على وريده رشاش البلية، وإنما عوقب بحق واضح، وحوب فاضح، انتهك حرمة الإسلام، فأخذ تلك الأخذة الرابية.

وحكى ابن الأثير: أن الوليد هذا قال: الغناء يزيد في الشهوة، ويهدم المروءة، وينوب عن الخمر، ويفعل ما لا يفعل السكر، فإن كنتم [ص ٢٩٤] ولابد فاعلين، فجنبوه النساء، فإن الغناء فيه الزنى، وإني لأقول ذلك على أنه أحب إليّ من كل لذة، وأشهى لنفسي من الماء إلى ذي الغلّة، ولكن الحق أحق أن يتّبع.

حكى البلاذري قال: وكانت عنده ابنة سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان، فزارتها أختها سلمى بنت سعيد، وكانت من أحسن الناس وجها، فبصر بها الوليد فأعجبته، وذلك قبل الخلافة، فطلّق أختها، ثم خطبها إلى أبيها، فامتنع عليه وقال: إنك «١» تريد مني أن أتخذك فحلا لبناتي، فكان يهجوه، ثم ما زال

<<  <  ج: ص:  >  >>