قال البلاذري: لما سار مروان بجند أهل الجزيرة، وتفرق أصحاب بشر ومسرور من غير قتال، وجه إبراهيم المخلوع سليمان بن هشام «١» ، فنزل بعين الجر في خلق كثير، فنزل مروان بدير الأبرش، في زهاء سبعين ألفا، وبينهما ثلاثة أميال، وكتب مروان كتابا منه إلى أهل فلسطين:«إني نزلت بدير الأبرش، وسليمان بعين الجر، وطالعت عسكره بنفسي، فرأيت جمعا كثيفا، وأنا متوجه إليكم في طريق كذا» ، ودفع الكتاب إلى رجل وقال له: تعرض لهم، ففعل، فأخذ وأتي به سليمان، فلما قرأ الكتاب قال: أنا أبو أيوب، هرب مروان، والله لأحولن بينه وبين ذلك، وقال مروان لابنه: إني مرتحل غدوة، فان ارتحل سليمان من هذا المنزل، فانزله وخلفه في غيضة هناك، كامنا في ألفين، وأصبح مروان يوم الأربعاء قعدا متوجها في طريق العرب، وخرج سليمان زعم يبادره إلى الطريق التي ذكر مروان في كتابه [ص ٣٠٣] أنه يسلكها، وأقبل ابن مروان فنزل معسكره، وسرح إلى أبيه رسولا يعلمه ذلك، فلما أعلمه الرسول، رجع وقد سار ستة أميال، فصار في عسكر سليمان، فقال سليمان: مكر بنا مروان، وإنما فعل مروان ذلك، لأن عسكر سليمان أخصب وأحصن وأكثر مياها، فقاتلهم مروان فظفر بهم، وقتل منهم مقتلة عظيمة، يقال: عشرة آلاف، ومضى