فهاك سلاحي إنني قد جعلتها ... مهادا ولم أترك عليها منازعا
وحكى عامر بن المنبّي النحوي المؤدب قال: قدم علينا بعد الوقعة عباس بن ناصح قرطبة أيام عبد الرحمن بن الحكم، فاستنشدني شعر الحكم بن هشام في الهيج، فأنشدته إياه، فلما بلغت قوله:
وهل زدت أن وفيتهم صاع قرضهم البيت
قال عباس: لو أن الحكم حوبي للخصومة بينه وبين أهل الربض لقام بعذره فيهم هذا البيت.
وقال أبو بكر بن القوطية: لم يتملّ الحكم حلاوة العيش بعد وقعة الربض، وامتحن بعلة صعبة طاولته أربعة أعوام في آخر عمره فلّت غربه، وأطالت ضناه، واحتجب فيها آخر مدته، واستناب ولده عبد الرحمن في تدبير ملكه، فمات أسيفا على توبة من ذنوبه، وندم على ما اقترف، وعرضت له رقّة شديدة ألانت صلابته، وطفق يكثر الذكر ويفزع إلى استقراء القرآن، ويأنس بالتلاوة إلى أن مات على حاله [ص ٣١٥] تلك، فكانوا يرجون «١» له خيرا.
ولما أحسّ بدنو المنية، عهد إلى ولديه: عبد الرحمن والمغيرة عهدا أشهد عليه الأشهاد، ثم نزل المغيرة لأخيه عبد الرحمن عن طيب نفس وإذعان، ونقل الحكم ابنه عبد الرحمن إلى القصر، وقام بالأحكام معه ودونه.
وأول ما أحدثه وأبوه حي أن صلب ربيع بن ندار رأس النصاري بقرطبة، وكان جديرا بالصلب والمثلة، لسوء أثره في المسلمين، فقال في ذلك عبد الله بن