للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو ملّك الله الرعية عمرها ... لكان له من ذلك العمر الشطر [ص ٣١٩]

إذا ذخر الأملاك مالا فما له ... سوى المجد فالمعروف كنز ولا ذخر

مهيب إذا أبصرت غرّة وجهه ... تكاد له من هيبة يصدع الصدر

وكان كثير الخروج إلى الصحراء للتنزه في نواحيها، والتوسع في سعة ضواحيها، وكان معجبا بدربد وهو مكان قتلى أشبيلية، مرج أخضر كأنه زمرد شارب، ونهر يتكسر ماؤه كأنه عسل ممزوج لشارب، فابتنى به أبنية رفيعة، إلا أنها خيام، وقرّض هناك قراره إلا أنه هيام، فقال الوزير تمام بن أحمد:

[الطويل]

لعمري لما يوم من الدهر كله ... بأنعم من يوم حللنا بدربد

لدن روضة خضراء ما أن تخالها ... لعمرك إلا معدنا للزمرد

ودام في بلهنية من الملك إلى أن ثارت إليه الثواير، ودارت عليه الدواير، وسار إلى مغالبته كل ساير، وطار لمواثبته في البر والبحر كل طاير، ولم يكفه انفتاق الفتوق، وانبثاق البثوق، واختلاف كلمة أهل ملكه، حتى قصدته ملوك الكفار، وأجهدته بالنهود إلى الأسفار، وما رمي بأهل الصليب على انفرادهم، حتى مني بالمجوس من أقصى بلادهم، وكان في هذه النوائب تارة وتارة، ومرة ومرة، آونة حلاوة، وآونة مرارة، وفي بعض غزواته التي أثخن فيها في أهل الخلاف، وأمعن في زيادة الاختلاف، قال مؤمن بن سعيد:

[البسيط]

دع اللهى يفنها محمدها ... أسنى بني غالب وأمجدها

أشياع لب سنابل خشعت ... أعناقها فالسيوف تحصدها

دانوا له وهو وارد بهم ... حياض حتف يعاف موردها

<<  <  ج: ص:  >  >>