البلد، فأين غمرة السبت من سرور يوم الأحد، فوالله ما ذقنا يوما أحلى منه ولا أمرّ من الذي قبله» . «١»
وتبدو المفارقة كبيرة حينما نمر على ترجمتي عمه شرف الدين عبد الوهاب (ت ٧١٧ هـ/ ١٣١٧ م) ووالده محيي الدين يحيى (ت ٧٣٨ هـ/ ١٣٣٨ م) فلا نلحظ فيهما أي إشارة تند عن قربى أو صلة بين العمري والمترجم لهما، وما ساقه من وصف لهما لا يتعدى الوصف التقليدي الذي يمكن أن يحمل عليهما وعلى غيرهما، وما أكثر ما تحفل به وبمثله المصادر التاريخية المملوكية، فقد كان عمه شرف الدين «كبير القدر، مصونا، دينا، كامل العقل»«٢» ، وأما والده محيي الدين فله «رواية عالية ومحاسن وأموال»«٣» هذا في الوقت الذي كان يؤمل فيه من العمري أن يفيض في الحديث عنهما وعن مكانتهما في الدولة المملوكية بوصفهما من أعيان الكتاب فيها، وما ذكرناه عن تعاطيه مع عمه ووالده ينسحب على العديد من الشخصيات التي مرّ عليها كأن لم يكن بينه وبينها «مودة» ، هذا مع معرفته الواسعة برجال عصره بحكم منصبه الرفيع كرئيس لديوان الإنشاء في القاهرة، وقربه من الفعاليات المتنفذة في السلطنة، وهو ما أدى في النهاية إلى حرمان القارئ من الانتفاع ب «شهادته» ومن ثمّ النظر إلى تاريخه كصورة مكرورة عن غيره من التواريخ.
على أنه من الإنصاف أن نشير إلى أن العمري لم يكن بدعا بين مؤرخي عصره فيما جرى عليه من الجمع والانتقاء والاختصار فهذه الأمور تكاد تكون