خاتون قبائل يمسك من الترك فعظم شأن ابنها محمد بهم، وتحكمت أيضا بسببهم تركان خاتون في الملك، فلم يملك ابنها إقليما إلا وأفرد لخاصتها منه ناحية جليلة، وكانت ذات مهابة ورأي، وكانت تنصف المظلوم من الظالم، وكانت جسورة على القتل فعظم شأنها بحيث إذا ورد توقيعات عنها وعن ابنها السلطان ينظر في تاريخهما فيعمل بالأخير منهما، وكانت طرر تواقيعها:
عصمة الدنيا والدين الغ تركان خاتون ملكة نساء العالمين، وعلامتها: اعتصمت بالله وحده، وكانت كتبها بقلم غليظ، وتحرر الكتابة.
قال المؤلف المذكور: ثم إن خوارزم شاه لما هرب من التتر بما وراء [النهر وعبر]«١» نهر جيحون ثم سار إلى خراسان والتتر تتبعه، ثم هرب من خراسان إلى (٢٢٠) عراق العجم، ونزل عند بسطام، وأحضر عشرة صناديق ثم قال إنها كلها جواهر لا يعلم قيمتها إلا الله، ثم أشار إلى صندوقين منها، وقال: إن فيها من الجواهر ما يساوي خراج الأرض، ثم حملها إلى قلعة أزدهن وهي [من]«١» أحصن قلاع الأرض، وأخذ خط النائب بها بوصول الصناديق المذكورة مختومة، فلما استولى جنكزخان على تلك البلاد حملت إليه الصناديق المذكورة بختومها، ثم إن التتر أدركوا السلطان محمد المذكور، فركب في مركب وهرب ولحقه التتر ورموه بالنشاب فنجا منهم، وقد حصل له مرض ذات الجنب، قال:
ووصل إلى جزيرة في البحر «٢» وأقام بها فريدا طريدا لا يملك طارفا ولا تليدا، والمرض به يزداد، وكان في أهل مازندران أناس يتقربون إليه بالمأكول وما