أربعة آلاف حفاة عراة، وأرمى الموج جلال الدين مع ثلاثة من خواصه إلى موضع بعيد وفقده أصحابه ثلاثة أيام وبقي أصحابه لفقده حائرين، وفي تيه الفكر سائرين إلى أن قدم عليهم جلال الدين فاعتدوا بمقدمه عيدا، وظنوا أنهم أنشئوا خلقا جديدا، ثم جرى بين جلال الدين وبين أهل تلك البلاد (٢٢٣) وقائع انتصر فيها جلال الدين، ووصل إلى لهاوور من الهند، ولما عزم جلال الدين على العود إلى جهة العراق استناب بهلوان أزبك على ما كان يملكه من الهند، واستناب معه حسن قراق ولقبه وفا ملك، وفي سنة سبع وعشرين وست مئة طرد وفا ملك بهلوان أزبك، واستولى وفا ملك على ما كان يليه البهلوان من بلاد الهند.
ثم إن جلال الدين عاد من الهند ووصل إلى كرمان في سنة إحدى وعشرين وست مئة وقاسى هو وعسكره في البراري القاطعة بين كرمان والهند شدائد، ووصل معه أربعة آلاف رجل بعضهم ركاب بقر وبعضهم ركاب حمير، ثم سار جلال الدين إلى خوزستان واستولى عليها، ثم استولى على أذربيجان ثم على كنجة وسائر بلاد أرّان، ثم إن جلال الدين نقل أباه من الجزيرة إلى قلعة أزدهن ودفنه بها، ولما استولى التتر على القلعة نبشوه وأحرقوه، وكان هذا فعلهم في كل ملك عرفوا قبره فإنهم نبشوا محمد بن سبكتكين من غزنة وحرقوا عظامه.
ثم ذكر نزوله على جسر قريب آمد وإرساله يستنجد الملك الأشرف بن العادل فلم ينجده، وعزم جلال الدين على المسير إلى أصفهان، ثم انثنى عزمه وبات بمنزله وشرب تلك الليلة وسكر سكرا خماره دوار الرأس، وتقطّع الأنفاس، وأحاط التتر بعسكره مصبحين «١» : (الوافر)