وخلف أخوين وهما أبو إبراهيم إسحاق ومحمد اللحياني «١» ابنا عبد الواحد بن أبي حفص، وكان محمد اللحياني صالحا منقطعا يتبرك به ثم تولى بعده «٢» ابنه أبو عبد الله محمد بن أبي زكريا، ثم سعى عمه إبراهيم في خلعه فخلع، وبايع لأخيه محمد اللحياني الزاهد على كره منه لذلك فجمع أبو عبد الله محمد المخلوع أصحابه في يوم خلعه وشدّ على عمّيه فقهرهما وقتلهما، واستقر في ملكه وتلقب بالمستنصر بالله أمير المؤمنين أبي عبد الله محمد بن الأمراء الراشدين، وفي أيامه في سنة ثمان وستين وست مئة وصل الفرنسيس إلى أفريقية بجموع الفرنج، وأشرفت أفريقية على الذهاب، فقصمه الله ومات الفرنسيس وتفرقت جموعه «٣» .
وفي أيامه خافه أخوه أبو إسحاق إبراهيم بن أبي زكريا فهرب ثم أقام بتلمسان وبقي المستنصر المذكور حتى توفي ليلة حادي عشر ذي الحجة سنة خمس وسبعين وست مئة، فملك ابنه يحيى بن محمد بن أبي زكريا وتلقب بالواثق بالله أمير المؤمنين «٤» ، وكان ضعيف الرأي فتحرك عليه عمه أبو إسحاق الذي هرب وأقام بتلمسان وغلب على الواثق فخلع نفسه واستقر أبو إسحاق إبراهيم في المملكة في ربيع الأول سنة ثمان وسبعين وست مئة، وخطب لنفسه بالأمير المجاهد، وترك زيّ الحفصيين وأقام على زي زناتة وعكف على الشرب وفرق [المملكة]«٥» على أولاده، فوثبت أولاده على الواثق المخلوع فذبحوه