نزلوا خلت الأرض قد رمت أفلاذها أو السماء قد مرت رذاذها، ترتجّ بخيولها صهيلا، وتحتجّ (٣٥) بسيوفها على الرقاب صليلا، تجمع قنابل «١» ، وتلمع مناصل، وتنبت قنا، و [تميت]«٢» فتنا، قد نصبوا بمدرجة الطريق خيامهم، وأوقروا في علم الأسماع إعلامهم، أنّ الكرم أعلامهم، وتقارعوا في قرى الضّيفان، وسارعوا إلى تقريب الجفان، قد داروا على البلاد أسوارا حصينة، وسوارا على معصم كلّ نهر وعقدا في جيد كلّ مدينة، وأحاطوا بالبرّ من جميع أقطاره، وحالوا بين الطير المحلق وبين مطاره، وحفظوه من كلّ جهاته، وحرسوه من سائر مواضعه وآفاته، وصانوه من كلّ طارق يتطرق، وسارق يتسلّل أو يتسرق، فلا تبصر إلّا مرسى خيام، ومسرى هيام، ومورد كرام، وموقد ضرام، ومقعد همام، ومعقد ذمام، ومجال غمام وآجال رزق أو حمام، ومعهد أياد جسام، ومشهد يوم يرعف به أنف قناة أو حسام، وتكبير وتكثير [صلاة]«٣» ومكان مفزع، وأمان من يجزع، وملجأ خائف، وملجم حائف، وسجايا ملكية، وعطايا برمكية، ومواهب طائيّة، ومذاهب حاتميّة، وبوادر ربيعيّة، ونوادر مرعيّة، وصوارم تتحسس بذيلها الرقاب، ومكارم يتحسر على آثارها السّحاب، لا يطرق لهم غاب، ولا يطرق لهم بذل رغاب، ولا يطرح لهم بيت مضيف، ولا يطيح إلا إليهم تابع مشتى ومصيف، لا يخلو ناديهم عن سيد مسوّد، وكريم مقدّم، وشجاع بطل، وجواد كريم، وحليم وقور، ووافد آمل، وقاصد [نائل]«٤» وصارخ ملهوف، وهارب مستجير، لا تنفكّ لهم نارا قرى وقراع، ومنارا منى ومناع، يسرح عدد الرمل لهم إبل وشاء،