فأما هؤلاء العرب إذا ركبوا الهياج، أو وثبوا إلى معاركة الفجاج، سدّت الأفق قتاما، والطرف إبلا كراما، قد تقلدوا سيوفا تغرّق الأرواح [في]«١» لججها، وتقصّر مناظرات الرقاب لحججها، كأنما طبعت فيها حمر المنايا، أو أطبعت «٢» عليها سود الرزايا، ترصّعت بالنجوم، وانتعلت بالهلال، وتقطّعت من الغيوم، وضربت مرهفات النصال، لا يخشى ورق حديدها الأخضر، ولا يجتلى وجه فرندها الصقيل ولا ينظر، قيل لها صوارم لأنها صرمت الأعمار، وقواضب لأنّها تقتضب الأجل وتعجّل الدمار، ومشرفيات لأنّها أشرفت على الرءوس، ومهنّدات (٤٣) لأنها ترى رأي الهند في إحراق النّفوس، ومناصل لأنّها تتنصّل لا مما جنت، وقواطع لأنّها تقطع بالأمر أساءت أو أحسنت، كأنما تأكلّت فيها النار أو تشكّلت فيها الأنهار، وما على ضجيعها أين بات، ولا (على) قريعها عار لعدم الثبات، ولا على حاملها الجازر، إن كثرت لديه النحائر، أو كبرت عليه من حيث الأعداء الجرائر، كأنما رضعت زرق اليواقيت، أو علت قرى نمل أو قرى رمل لها فيها آثار مخافيت، وقد اعتقلوا من عوالي الرماح كل ردينية سمراء ما ماس مثلها قدّ، ولا مال أهيف ولعب مثلها دست بند «٣» عواسل قصبها المرّان، عوامل شهبها تعمل في أطرافها النيران، تطاولت [لتثقب]«٤» درّ الكواكب، أو لتنقب سدّ السحائب، ثم رأت أنّه لا تروى بغير الدماء حوائم أسنتها العطاش، ولا يقوم بكفايتها إلا ورود الوريد لا من المطر الرشاش، فرمت على لبّات الرجال عنقها، وبلّت صداها ونقعت [غليلها]«٥» ، وما [رويت]«٦» من دماء