أعدائها، ما دارت دوائرها على عدوّ إلا وخاف أن يصعد على أسوارها أو يتسوّر، ولا صبحت [بمصاعها]«١» ذا عنق إلا تطاير بها وتشاءم بكعبها المدوّر، ورأيت من الرجال في تلك البيد صقورا [تحمي]«٢» محارمها، وسيولا تطمّ فجاجها ليوثا ضراغم، و [عقبانا]«٣» كواسر، وأبطالا لا تعبأ بمن لاقت، ورجالا لا تبالي أين نزلت، تدخل على عزيز قوم بلاده، وتحمي عليه أرضه وترد دونه ماءه وتمنعه شربه، وتردّ عليه قوله، وتصدّ عنه قومه وتأخذ ماله، إذا شاءت غصبا، وتقسمه اقتساما لا نهبا، لا تحرس «٤» في ليل ولا تجتمع في نهار، كفتها المهابة أن تخاف، والمنعة أن تتوقى، فإذا سارت قلت: الشّهب سارت، والسحب سالت، والجبال مادت، والرمال (٤٤) مالت، تركب النّجب، وتجنب الجياد، فتختال الأرض في حلبة السماء ببدور أخفاف المطيّ، وأهلّة حوافر الخيل، ونجوم أسنة الخرصان، توطأ لهم الرواحل، وتطوى بهم المراحل، وتبدو ركائبهم كأنها قلل جبال أو حلل نزال، تتسع مجال الرياح بين فروجها، وترتفع طوال الرماح فوق بروجها، تمدّ أعناقها طلبا لقرب المنزل، وتجدّ أشواقها إلى أرض وتصبح عنها بمعزل، كأنها لتمام الخلق بنيان، أو لأكام الأرض تبيان، لا يقرّ بعينها الزئبق المتد حرج، ولا في بينها سيرها المتلجلج، يتثنى راكبها كأنه شارب ثمل، ولا يستقرّ كأنّه بارق عمل، ركب من الإبل السحاب وهو محتفل، ووثب وكأنّه لتمايلها يتخبط تخبط الظبي في أشراك محتبل، من امتطاها وركبها أضرم نشاطه، ومن استبطأها فضربها ظلمها وظلم بالضّرب لها سياطه، والأكوار تتراءى عليها كأنّها أهلة على غمام، والمجرة البطان، والجوزاء الزّمام، وأمامهم الظعائن تجري بها في الآل السّفائن، وقد شدّ كلّ