للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعصب على غيره ومنهم من تقرب بالأصنام [١] ، وكان جنكيز خان [٢] إذا تهدد أحدا من الملوك أو كاتبه بالتحذير من صولته، قال له: إن أطعت كان لك كذا وكذا من الإعزاز والتقريب، وإن عصيت فالله أعلم بما يكون حالك معنا، قال: ويلمح من هذا القول نوع من التوكل والتفويض.

وأمّا السياسة وأحوالها كثيرة، فمنها ما يوافق الشريعة المحمدية، قال: وليعلم أن هذا الرجل لم يقف على سيرة ملوك، ولا طالع كتابا، وجميع ما نسب إليه من ذلك صادر عن قوة ذهنه (المخطوط ص ٤٤) وحسه، واستدراك الأصلح من قبل نفسه، فإنه استخرج لكل منهم مبهمّ، وقعد قاعدة مفردة، ولكل مذنب عقوبة مقدرة، وعين حدودا، لا إمهال له عندهم، ولا مغير، وأوعز أن يتعلم ذلك صغار أهله، ويسرى امتثاله عن عقب الرجل منهم، ونسله، بعد أن أثبتها في كتاب سماه الياسا الكبيرة [٣] ، وأمر أن يوضع في خزانته، ويتوارثها أقارب عصبته وذريته [٤] .

ونسخ ما كان لهم من قديم عواند مذمومة بتسليكات محمودة مفهومة، فمن ذلك أن من زنى سواء أن كان محصنا أو غير محصن قتل، ومن لاط قتل، ومن تعمد الكذب قتل، ومن سحر قتل، ومن يتجسس علي قوم قتل، ومن داخل بين اثنين يختصمان فأعان أحدهما قتل، ومن بال من الماء قتل، ومن أعطى بضاعة وخسر ثم أعطى ثانية وخسر إلى الثالثة قتل، ومن أطعم أسير قوم أو كساه أو شكاه بغير إذنهم قتل، ومن وجد هاربا أو أسيرا أو عبدا ولا يرده قتل.


[١] انظر: جهانگشاي الترجمة العربية ج ١/٦٣.
[٢] ظل جنكيز خان متمسكا بديانته الشامانية (تركستان لبارلوله ٥٦٠) .
[٣] كتاب القواعد الكبير (جهانگشاي الترجمة العربية ١/٦٢) أي القانون العرفي للمغول (تركستان لباتولد ٣٧٣) .
[٤] دونت الياسا باللغة الأويغورية بالإضافة إلى تعاليم جنكيز خان المسماة (بيللك) (انظر: تركستان ص ٥٥٩) وانظر تفاصيل الياساي في جهانكشاي ١/٦٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>