للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عوقب أو قتل، لا يتردد إلى أحدهم أولاده.

ومنها وضعهم البريد بكل مكان، طلبا لحفظ الأموال، وسرعة إيصال الأخبار، ومستجدات الأحوال.

وكان لجنكيز خان عادة مستمرة، وإن كانت إلي الآن سارية في الأولاد، وهي وفور الرغبة في الصيد والأمر به والركوب إليه، في كل وقت يتفرغ فيه من القتال، والمنازلة، وربما اشتملت حركته على مسيرة ثلاثة أشهر، يحافظ العسكر على ما تحويه تلك الحلقة [١] ، ويضايقون ما بين الخراكي [٢] والبيوت بالحبال، ولم يكن غرض السلطان من ذلك مجرد الصيد خاصة، وإنما مراده تمرين عساكره، واستمرار أوامره، وإدمانهم علي استعمال السلاح، وسفك الدماء، وتغلب القوة الغضبية والمضاهرة على الأرواح.

ومن عاداتهم أنه متى خرج من قبل واحد منهم شيء من الصيود أدب بحسب ما تقدم من أمره بل ربما قتلوه، ويسوقون تلك الصيود كسوق الغنم [٣] ، وتواتر الرسل إلى السلطان بصورة حالها وكثرتها وقلتها، فإذا ضاقت الحلقة، وتراكمت الصيود، مشحونة بغرائب الوحوش، والحيوانات السهلية والجبلية، ودخل هو وأولاده وخواصه، وتفوقوا في القتل والقبض والتفرج، وربما استثرف القان من مكان عال، لينظر فروسية أولاده، وقوة مراسهم، فإذا تخلف من تلك الصيود بعد ذلك شيء، اجتمع ولدانهم وصبيانهم، وشفعوا إلى السلطان في إطلاق ذلك المتخلف.

وحكى أن في بعض صيودهم واجتماع ما اجتمع في بعض تلك الحلق لهم من الوحوش، وضاقت عليهم المذاهب، وعاينت التلف، فاستقبلت السلطان بوجهها


[١] انظر جهانگشاي ١/٦٣.
[٢] الخراكي جمع مفرده خركاه- خيمة كبيرة (فرهنگ رازي ٢٧٢) والخركاه غير البارگاه فالثانية بيت كبير له أربعة أعمدة من الخشب ومكسورة بصفائح الفضة (رحلة ابن بطوطة ٢٢٧) .
[٣] انظر جهانگشاي ١/٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>