للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضَّمَانَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، بِخِلَافِ قِيَامِ الْعَبْدِ، فَإِنَّهُ يُزِيلُ مِلْكًا ظَاهِرًا لِلْوَارِثِ فِي الْعَبْدِ، وَهُوَ لَيْسَ بِأَمِينٍ فِي ذَلِكَ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِهَذَا.

وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ أَمَةٍ لَهُ؛ فَبَاعَهَا الْمُوَكِّلُ، أَوْ كَاتَبَهَا، أَوْ وَهَبَهَا وَسَلَّمَهَا؛ فَذَلِكَ نَقْضٌ لِلْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَعَلَّقَتْ بِمِلْكِ الْمُوَكِّلِ، وَقَدْ زَالَ مِلْكُهُ بِالْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ، وَالتَّسْلِيمِ، فَلَا تَبْقَى الْوَكَالَةُ بِدُونِ الْمَحَلِّ، وَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ خَرَجَتْ عَنْ أَنْ تَكُونَ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ، فَلَا تَبْقَى الْوَكَالَةُ بَعْدَ خُرُوجِ الْمَحَلِّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلتَّصَرُّفِ، كَمَا لَا يَثْبُتُ ابْتِدَاءً.

وَلَوْ اسْتَخْدَمَهَا الْمُوَكِّلُ، أَوْ وَطِئَهَا وَلَمْ تَلِدْ وَلَدًا مِنْهُ - فَالْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ؛ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ مَحَلٌّ لِلتَّصَرُّفِ الَّذِي وُكِّلَ الْوَكِيلُ بِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَجَّرَهَا، أَوْ رَهَنَهَا الْمُوَكِّلُ - فَإِنَّ الْوَكِيلَ عَلَى وَكَالَتِهِ؛ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ مَحَلٌّ لِلْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى رِضَا الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ لِلُزُومِ الْبَيْعِ فِيهِمَا، أَلَا تَرَى أَنَّ ابْتِدَاءَ التَّوْكِيلِ مِنْ الْآمِرِ صَحِيحٌ بَعْدَ الرَّهْنِ، وَالْإِجَارَةِ؛ وَهَذَا لِأَنَّهُ يَمْلِكُ بَيْعَهَا بِنَفْسِهِ، فَإِنَّهُ لَوْ بَاعَهَا؛ نَفَذَ فِي حَقِّهِ، وَإِنَّمَا تُوقَفُ لِحَقِّ الْغَيْرِ، حَتَّى إذَا سَقَطَ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ؛ كَانَ بَيْعُهُ جَائِزًا نَافِذًا، فَكَذَلِكَ تَوْكِيلُهُ بِبَيْعِهَا يَصِحُّ فِي هَذِهِ الْحَالِ وَيَبْقَى صَحِيحًا، وَلَوْ بَاعَهَا الْوَكِيلُ، أَوْ الْآمِرُ، ثُمَّ رُدَّتْ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ قَاضٍ - فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهَا؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ، فَعَادَتْ إلَى قَدِيمِ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ، وَانْتِقَاضُ الْوَكَالَةِ كَانَ حُكْمًا لِزَوَالِ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ، فَإِذَا عَادَ مِلْكُهُ عَادَتْ الْوَكَالَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الرَّدُّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ، كَانَ لِلْبَائِعِ، أَوْ لِلْمُشْتَرِي، أَوْ بِفَسَادِ الْبَيْعِ، أَوْ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَسْبَابَ تَفْسَخُ الْعَقْدَ مِنْ الْأَصْلِ، وَإِنْ قَبِلَهَا الْمُوَكِّلُ بِعَيْبٍ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي - لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ بَيْعُهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ تَقَايَلَا الْبَيْعَ فِيهَا؛ لِأَنَّ هَذَا السَّبَبَ كَالْعَقْدِ الْمُبْتَدَأِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَالْوَكِيلُ غَيْرُهُمَا، فَكَانَ فِي حَقِّ الْوَكِيلِ كَانَ الْمُوَكِّلُ اشْتَرَاهَا ابْتِدَاءً، وَكَذَلِكَ إنْ رَجَعَتْ إلَى الْمُوَكِّلِ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا بِمِلْكٍ جَدِيدٍ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ بَيْعُهَا لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَعَلَّقَتْ بِالْمِلْكِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا مِلْكٌ جَدِيدٌ سِوَى الْأَوَّلِ فَلَا يَثْبُتُ فِيهِ حُكْمُ الْوَكَالَةِ، إلَّا بِتَجْدِيدِ تَوْكِيلٍ مِنْ الْمَالِكِ.

وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، أَوْ جَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً - كَانَ عَلَى وَكَالَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ، لَمْ يَخْرُجْ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا صَالِحًا لِهَذَا التَّصَرُّفِ، بِمَا أَحْدَثَهُ الْمُوَكِّلُ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ الْمُوَكِّلُ بِهَذَا الْفِعْلِ عَنْ صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ، فَبَقَاءُ الْوَكَالَةِ أَوْلَى، وَإِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ الْعَبْدَ، ثُمَّ قَطَعَ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي، فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُؤَدِّيَ جَمِيعَ الثَّمَنِ، وَيَأْخُذَ الْعَبْدَ، وَيَتْبَعَ الْوَكِيلَ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، وَيَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ؛ لِأَنَّ قَطْعَ الْيَدِ لَيْسَ مِمَّا اقْتَضَتْهُ الْوَكَالَةُ فَكَانَ الْوَكِيلُ فِيهِ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ، فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ، نُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْعَاقِدِ لِنَفْسِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>