الأملاك، وبناء الدور، قد أسقط ذلك عن نفسه، وأعرض عن طلب المناصب (ص ٢١٥) من الإمامة، والخطابة، وأباها بعد أن عرضت عليه، وأخذ نفسه بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
قال لي: لما عزمت على التحديث- والله المطلع أنه ما حملني على ذلك حب الرئاسة، والتقدم بل قلت: متى أروي كل ما سمعت؟ وأي فائدة في كوني أخلفه صحائف- فاستخرت الله، واستأذنت أعيان شيوخي، ورؤساء البلد، وطفت عليهم، فكلهم قال: من أحق بهذا منك؟! فشرعت في ذلك سنة ثلاث وثلاثين، وخمس مائة، وكان حافظ العصر أبو الحجاج المزي «١» يميل إلى أن ابن عساكر لم ير مثل نفسه.
وقال الحافظ عبد القادر «٢» : ما رأيت أحفظ من ابن عساكر.
وقال ابن النجار «٣» : أبو القاسم إمام المحدثين في وقته، انتهت إليه الرياسة في الحفظ، والإتقان، والثقة، والمعرفة التامة، وبه ختم هذا الشأن، وكان فقيها أديبا سنيا.