للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سقام الحرص ليس له شفاء ... وداء البخل ليس له طبيب «١»

وكان الجاحظ يقول: إن تهيأ لك في الشاعر أن تبرّه وترضيه، وإلّا فاقتله.

وقال ميمون بن هارون: قلت للجاحظ: ألك بالبصرة ضيعة؟ فتبسم وقال: إنما أنا وجارية، وجارية تخدمها، وخادم وحمار. أهديت كتاب الحيوان إلى محمد بن عبد الملك، فأعطاني خمسة آلاف دينار. وأهديت كتاب البيان والتبيين إلى أبي دؤاد «٢» فأعطاني خمسة آلاف دينار، وأهديت كتاب الزرع إلى إبراهيم بن العبّاس الصولي فأعطاني خمسة آلاف دينار، فانصرفت إلى البصرة، ومعي ضيعة لا تحتاج إلى تجديد ولا تسميد.

وكتاب البيان والتبيين نسختان، أولى وثانية، والثانية أصح وأجود. وله من المصنّفات زيادة على مئة وعشرين مصنّفا. وتوفي الجاحظ سنة خمس وخمسين ومئتين. وقد جاوز التسعين. وكان يتعين تقديمه على ابن المعتز وقدامة؛ وانما ذكرناهما قبله لا عتنائهما بعلم البديع، وتصنيفهما أبوابه، فوصلنا تراجمهما بتفريعهما للفن، واختراج أقسامه استطرادا.

وذكره أبو القاسم الراغب في كتاب المحاضرات، في كثرة آيات الأنبياء وقلّتها. قال: قال العلماء: إنما كثر وكبر إعلام موسى؛ لأن علمه كان مع غباوة بني إسرائيل، ونقصان أحلام القبط.

قال الجاحظ: ومتى أردت معرفة ذلك فانظر إلى بقاياهم، هل لهم حكمة أو مثل أو شعر؟

ثم انظر إلى أولادهم مع طول لبثهم معنا، هل تغيّر بذلك أخلاقهم وشمائلهم وأحلامهم وآدابهم وفطنهم؟ ثم من غباوتهم ما حكى الله تعالى عنهم حيث قالوا: اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ «٣»

، وكقولهم: أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً «٤»

، وكقولهم: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>