ويملأ عليه الصدور، وكان يريد ذهاب روحه!، فبينا هو في هذا إذ سأل قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة «١» الإقالة، لكبر سنه وعجزه، فأقيل وصرف إلى بيته مكرّما، وطلب جلال الدين وولي قضاء القضاة بمصر عوضه، وولي ابنه بدر الدين محمد الخطابة بدمشق عوضه، مضافا إلى تدريس المدرسة الشامية الجوانيّة، فدخل جلال الدين في عين السلطان، ومساه الحظ من خاطره، وصار يحدّث السلطان في كثير من أمور الناس، وقضيت للناس على يده حوائج، ونجحت مطالب وبلغت مآرب، فكثر ولده عبد الله واقتنى كرائم الخيل الثمينة، وصار يسابق بها الأمراء، وخدام الإدارات السلطانية، ويخالط أولاد الأمراء، ويتوسع في الأبنية، واقتناء الجواري الحسان، والمطربات، ويتعرّض إلى أمور كثيرة، وكان يحمل حبّ أبيه له، على أنه لا يردّه عنها، إلى أن فاض خاطر السلطان، وامتلأ عليه، وطرد ابنه عنه، ثم توسّل في إعادته فأعيد، ثم طرده، ثم توسل في إعادته فأعيد، ثم سعى الناظر الخاص، وابن المرواني والي القاهرة عليه، وأطلقا فيه ألسنتهما وأوصلا به سعايتهما، وسدّدا فيه نكايتهما، فعزله السلطان، وأراد تعريضه للهوان، فنهض له فرد الدهر «٢» الأصفهاني، وقام معه قيام مثله من أفراد الدهر، وركب إلى سرياقوس «٣» ، وكان السلطان قد خرج إليها