ابن الزبير فقتل، ثم تزوجها عمر بن عبيد الله بن معمر، فبنى بها بالحيرة، ثم انصرف عن سبع مرات تلك الليلة، فلقيته مولاة له حين أصبح، فقالت: يا أبا حفص، كملت في كلّ شيء حتى في هذا، فلما مات ناحت عليه قائمة، ولم تنح على أحد منهم [قائمة] ، وكانت العرب إذا ناحت المرأة قائمة على زوجها، علم أنها لا تريد أن تتزوج بعده، فقيل لها: يا عائشة ما صنعت هذا بأحد من أزواجك، قالت: إنه كان أقرب مني قرابة، وأردت أن لا أتزوج بعده.
قال: وقدم «١» يزيد بن عبد الملك مكة، فبعث إلى الغريض سرا، فأتاه فغناه بهذا اللحن في شعر كثير:«٢»[الطويل]
وإنّي لأرعى قومها من جلالها ... وإن أظهروا غشا نصحتهم جهدي
ولو حاربوا قومي لكنت لقومها ... صديقا ولم أحمل على قومها حقدي
فأشير إلى الغريض أن اسكت، وفطن يزيد، فقال: دعوا أبا يزيد يغنيني بما يريد، فأعاد عليه الصوت مرارا، ثم قال: زدني مما عندك، فغناه في شعر عمرو بن شأس الأسدي:«٣»[الطويل]
فوا ندمي على الشّباب وواندم ... ندمت وبان اليوم منّي بغير ذم
أرادت عرارا بالهوان ومن يرد ... عرارا لعمري بالهوان فقد ظلم [١٨]