للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبعده عن كل ريبة، وسألته عن مثل مسألته، ثم أمرت الجارية فقربت إليه طعاما، فلما أكل، قالت: أنشدني ما قلت فأنشدها: «١» [الطويل]

علقت الهوى منها وليدا فلم يزل ... إلى اليوم ينمي حبّها ويزيد

ولم يزالا يتحدثان، ما يقولان فحشا ولا هجرا، حتى التفتت التفاتة فرأت الصبح قد طلع، فودع كل منهما صاحبه أحسن وداع سمعته، ثم انصرفا فمضيت إلى إبلي فاضطجعت، وكل واحد منهما يمشي خطوة ويتلفت إلى صاحبه، فجاء بعد ما أصبحنا، فرفع برديه ثم [ص ٢٣] قال: يا أخا بني حنظلة «٢» ، حتى متى تنام، فقمت وتوضأت وصليت، وأعانني عليها وهو أظهر الناس سرورا، ثم دعوته إلى الغداء، فتغدينا ثم قام إلى عيبته ففتحها، فإذا فيها السلاح وبردان مما كسته الملوك، فأعطاني أحدهما، وقال: والله لو كان معي شيء ما ذخرته عنك، وحدثني حديثه وانتسب إليّ، فإذا [هو] جميل بن معمر، والمرأة بثينة، وقال لي:

إني قد قلت أبياتا في منصرفي من عندها، فهل لك في أن أنشدها لك؟

قال نعم: «٣»

ولا أنس م الأشياء لا أنس قولها ... وقد قربت نضوي أمصر تريد؟

الأبيات، ثم ودعني وانصرفت، فمكث حتى أخذت إبلي مراتعها، ثم عمدت إلى دهن كان معي فدهنت به رأسي، ثم ارتديت بالبردة وأتيت المرأة، فقلت: السلام عليكم، إني جئت أمس طالبا، وجئت اليوم زائرا، فتأذنون؟

فقالت: نعم، فجعلت جارية تقول: يا بثينة، عليه برد جميل، فجعلت أثني

<<  <  ج: ص:  >  >>