كذلك، ثم نظرت فإذا الواثق في صدره على سرير مرصع بالجوهر، وعليه ثياب منسوجة بالذهب، وإلى جانبه فريدة جاريته عليها مثل ثيابه وفي حجرها عود، فلما رآني قال: جودت «١» والله يا محمد إلينا «٢» ، فقبلت الأرض، وقلت:
خيرا يا أمير المؤمنين، قال: خيرا، أما ترانا: طلبت والله ثالثا يؤنسنا، فلم أر أحق بذلك منك، بحياتي بادر وكل شيئا وعجّل إلينا، فقلت: قد والله يا سيدي أكلت وشربت آنفا، قال: فاجلس، فجلست، وقال: هاتوا لمحمد رطلا في قدح [فأحضرت] ، فاندفعت فريدة تغني:«٣»[الطويل]
أهابك إجلالا وما بك قدرة ... عليّ ولكن ملء عين حبيبها
وما هجرتك النّفس أنّك «٤» عندها ... قليل ولكن قلّ منك نصيبها
فجاءت والله بالسحر، ثم إن الواثق جعل يحادثها في خلال ذلك وتغني الصوت بعد الصوت، وأغني أنا أيضا في خلال غنائها، فمّر لنا يوم حسن، ما مرّ لأحد مثله، فإنا لكذلك إذ رفع رجله فضرب بها صدر فريدة ضربة فدحرجها من السرير إلى الأرض، وتفتت عودها ومرت تصيح، وبقيت كالمنزوع الروح، لم أشك في أن عينه وقعت عليّ، وقد نظرت إلى الأرض، وأطرقت أتوقع ضرب العنق، فأنا كذلك إذ قال: يا محمد، فوثبت قائما، فقال: ويحك، أرأيت ما اتفق، علينا؟ قلت: يا سيدي، الساعة تخرج روحي، فقل لي، من أصابنا بالعين [ص ٣٦] لعنه الله، وما كان السبب؟ قال: لا والله، ولكني فكرت أن جعفرا كان يقعد هذا المقعد، وتقعد معه كما هي قاعدة معي، فلم أطق الصبر، وخامرني ما