قال: ثم خرج الخادم فقال: تغنّ عافاك الله، فغنّيت بصوت الرجل على غير غنائه، فإذا الخادم قد خرج فقال لي ويحك لمن هذا الغناء؟ فقلت: لي، فانصرف عنّي ثم عاد فقال: كذبت، هذا الغناء لابن جامع، ودار الدّور، فلما انتهى إليّ غنيته بصوت الجارية الثانية، فخرج الخادم فقال: ويحك لمن هذا الغناء؟ فقلت:
لي، فرجع وخرج فقال: كذبت، هذا لابن جامع، ودار الدّور فلمّا انتهى إليّ الغناء تغنيت بصوت لي [لا] يعرف إلا بي، وهو:«١»[الكامل]
عوجي عليّ وسلّمى جبر ... فيم الصّدود وأنتم سفر
ما نلتقي إلا ثلاث منى ... حتّى يفرق بيننا النّفر «٢»
قال: فزلزلت والله الدار عليهم، وخرج الخادم فقال: ويحك، لمن هذا الغناء؟
فقلت: لي، فرجع ثم خرج فقال: كذبت، هذا الغناء لابن جامع، فقلت: أنا إسماعيل بن جامع، قال: فما أشعر إلا وأمير المؤمنين وجعفر بن يحيى قد أقبلا من وراء الستر الذي كان يخرج منه الخادم، فقال له الفضل بن الربيع: هذا أمير المؤمنين قد أقبل إليك، فلما صعد السرير وثبت قائما، فقال لي: ابن جامع؟
فقلت: ابن جامع جعلت فداك يا أمير المؤمنين، فقال لي: ويحك متى كنت في هذه المدينة؟ فقلت: آنفا دخلتها في الوقت الذي علم بي أمير المؤمنين.
قال: اجلس ويحك يا بن جامع، ومضى هو وجعفر بن يحيى فجلسا في بعض تلك المجالس، وقال لي: أبشر يا بن جامع وابسط أملك، فدعوت له، ثم قال:
غنّني يا ابن جامع غنّني، فخطر ببالي صوت الجارية، فاندفعت أغنّيه، فنظر