فألحقني بجائزة هذا البارد ابن البارد، وأراد بذلك عمر بن الغزال، وكانت [صلته ألف دينار، فضحك الرشيد حتى استلقى، ثم رد عليه خمس مئة الدينار، وأمر له [ب]«١» ثلاثة آلاف دينار معها، وكان ذلك أكثر ما أخذه منه منذ يوم خدمته إلى أن مات.
قال: دخل جعفر بن يحيى على الرشيد صبيحة يوم مطر، فسأله عن يومه الماضي وما صنع فيه، فقال: كان عندي أبو زكّار الأعمى «٢» وأبو صدقة، فغناني أبو صدقة صوتا من صنعته فطربت وو الله يا أمير المؤمنين طربا ما أذكر أني طربت مثله وهو:«٣»[الخفيف]
فتنتني بفاحم اللّون جعد ... وبثغر كأنه نظم درّ
وبوجه كأنّه طلعة البد ... روعين في طرفها نفث سحر
فقلت له: أحسنت يا أبا صدقة، فلم أسكت عن هذه الكلمة حتى قال لي: يا سيدي، إني قد بنيت دارا وقد انفقت عليها حريبتي «٤» ، وما أعددت لها فرشا فافرشها لي، نجّد «٥» الله لك ألف قصر في الجنة، فتغافلت عنه، وأعاد الغناء والمسألة، فتغافلت، فقال: يا سيدي، هذا التغافل متى حدث لك؟ سألتك الله، وبحق أبيك عليك إلا أجبتني عن كلامي ولو بشتم، فأقبلت عليه وقلت: أنت والله بغيض، فاكفف عن المسألة الملحة، فوثب من بين يدي، فظننت أنه يخرج