الأصمعي، وكان نذلا من الرجال، فوجده ملقى على وجهه في كساء نائما في الشمس، فركله برجله، وصاح به: يا قريب، قم ويلك، فقال: هل لقيت أحدا من أهل العلم، أو من أهل اللغة، أو من العرب، أو من المحدثين؟ قال: لا والله، فقال لمن حضر: هذا أبو الأصمعي، فاشهدوا لي عليه وعلى ما سمعتم منه، لا [ص ١٨٧] يقول لكم الأصمعي غدا أو بعده: حدثني أبي، أو أنشدني أبي، ففضحه.
قال الصولي: كان لإسحاق غلام يقال له فتح يسقي الماء لأهل داره على بغلين من بغاله دائما، فقال له إسحاق يوما: أي شيء خبرك يا فتح، قال خبري أنه ليس في هذه الدار أشقى مني ومنك، قال: وكيف ذاك؟ قال: أنت تطعم أهل الدار الخبز، وأنا أسقيهم الماء، فاستظرف قوله وضحك منه، فقال: وأيّ شيء [تحب قال] تعتقني وتهب لي البغلين أسقي عليهما، قال: قد فعلت.
قال: وكان إسحاق يقول الإسناد فيه الحديث فتحدث مرة بحديث لا إسناد له، فسئل عن إسناده فقال: هذا من المرسلات عرفا.
قال إسحاق، قال لي الرشيد يوما، أيّ شيء يتحدث الناس؟ قال: يتحدثون بأنك تقبض على البرامكة، وتولي الفضل بن الربيع الوزارة، فغضب وصاح، وقال: ما أنت وذاك ويلك، فأمسكت، فلما كان بعد أيام دعا بنا «١» فرأيته عيانا، وكان أول شيء غنيته أبياتا لأبي العتاهية:«٢»[مجزوء الوافر]