فطرب المعتصم وقال: لمن هذا الشعر، فأمسكوا، فقلت: لعلية، فأعرض عني، فعرفت غلطي، وأن القوم أمسكوا عمدا، فقطع بي «١» ، وتبين حالي، فقال: لا ترع يا محمد، فإن نصيبك منها مثل نصيبنا.
قال إسحاق الموصلي: عملت في أيام الرشيد لحنا: «٢»[البسيط]
سقيا لأرض إذا ما نمت نبهني ... بعد الهدوء بها قرع النواقيس «٣»
كأن سوسنها في كل شارقة ... على الميادين أذناب الطواويس
قال: فأعجبني وعزمت على أن أباكر به الرشيد، فلقيني في طريقي خادم لعلية بنت المهدي، فقال: مولاتي تأمرك بدخول الدهليز لتسمع من بعض جواريها [ص ٢٠٦] صوتا أخذته عن أبيك، وشكّت فيه الآن، فدخلت معه حجرة قد أفردت لي كأنها كانت معدة، فجلست وقدم لي طعام وشراب، فنلت حاجتي منهما، ثم خرج إليّ خادم فقال: تقول مولاتي، أنا أعلم أنك قد غدوت إلى أمير المؤمنين بصوت قد أعددته له محدث، فأسمعنيه ولك جائزة سنية، فغنيتها إياه ولم [تزل] تستعيده مرارا، ثم قالت: اسمعه الآن، فغنته غناء ما سمع سمعي مثله قط، ثم قالت: كيف تراه؟ قلت: أرى والله ما لم أر مثله، ثم أمرت جارية فأخرجت لي عشرين ألف درهم، وعشرين ثوبا، فقلت: هذا ثمنه، وأنا الآن داخلة إلى أمير المؤمنين ولم أبدأ بغناء غيره، وأخبره أنه صنعتي، وأعطي الله عهدا لئن نطقت بأن لك فيه صنعة لأقتلنّك، هذا إن نجوت منه إن علم بمصيرك إليّ،