للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموصلي، فإذا هو في روشن، «١» وقد صنع لحنه في: «٢» [الطويل]

ألا رب ندمان علي دموعه ... تفيض على الخدين سحا سجومها

فهو يعيده ويلعب فيه بنغمة ويكررها لتستوي له، وجواريه يضربن عليه، فوقفت تحت الروشن حتى أخذته، ثم انصرفت إلى منزلي، فما زلت أعدله حتى بلغت فيه الغاية القصوى، وأصبحت فغدوت إلى الشماسية، واجتمعنا عند الرشيد، فاندفع إبراهيم فغناه أول شيء غناه، فلما سمعه الرشيد طرب واستحسنه وشرب عليه، ثم قال: لمن هذا يا إبراهيم؟ فقال: لي يا سيدي صنعته البارحة، فقلت: كذب يا أمير المؤمنين، هذا الصوت قديم وأنا أغنيه، فقال: غنه يا حبيبي، فغنيته كما غناه إبراهيم، فبهت إبراهيم وغضب الرشيد وقال: يا ابن الفاجرة! أتكذبني وتدعي ما ليس لك؟ قال: فظل «٣» إبراهيم بأسوإ حال، فلما صليت العصر، قلت للرشيد: الصوت وحياتك له، ولكنني مررت [به] البارحة وهو يردده وجوار يضربن عليه، فوقفت تحت روشنه حتى حفظته.

قال إسحاق، قال ابن جامع يوما لأبي: رأيت في منامي كأني وإياك راكبان في محمل، فسفلت حتى كدت تلصق بالأرض، وعلا الشق الذي أنا فيه، فلأعلونك في الغناء، قال أبي: الرؤيا حق والتأويل باطل [ص ٢٣١] إني وإياك كنا في ميزان فرجحت بي وشالت كفتك، وعلوت ولصقت أنا بالأرض، فلأبقين بعدك ولتموتن قبلي، قال إسحاق: فكان كما قال أبي، علا عليه «٤» وأفاد من أكثر فوائده، ومات ابن جامع قبله، وعاش أبي بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>