تشرّب قلبي حبها ومشى بها ... تمشي حميا الكأس في كف شارب
ودب هواها في عظامي فشفها ... كما دب في الملسوع سم العقارب
قال: ففطن بتعريضي، وكانت جهالة مني، وأمرني بالانصراف، ولم يدع بي شهرا ولا حضرت مجلسه، فلما كان بعد شهر دس إلي خادما معه رقعة فيها مكتوب:«٢»[الخفيف]
قد تخوفت أن أموت من الوج ... د ولم يدر من هويت بمابي
يا كتابي فاقر السلام على من ... لا أسمي وقل له يا كتابي
إن كفا إليك قد كتبتني ... صبت فؤاده في عذابي «٣»
فأتاني الخادم بالرقعة، فقلت: ما هذا؟ قال: رقعة فلانة التي غنتك بين يدي أمير المؤمنين، فأحسست بالقصة، فشتمت الخادم، ووثبت إليه، وضربته ضربا شفيت به غيظي، وركبت إلى الرشيد من فوري، فأخبرته بالقصة، وأعطيته الرقعة، فضحك حتى كاد يستلقي، ثم قال: على عمد فعلت ذلك، أردت لأمتحن مذهبك وطريقتك، ثم دعا بالخادم، فلما رآني قال: قطع الله يديك ورجليك، ويلك قتلتني، فقلت: القتل كان بعض حقك لما وردت به عليّ، ولكنّي رحمتك فأبقيت عليك، وأخبرت أمير المؤمنين ليأتي عقوبتك بما تستحقه، فأمر لي الرشيد بصلة سنية، والله أعلم ما فعلت الذي فعلته عفافا، ولكني خفت.