للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترزؤه، فإنه سيقول لك: أي شيء حاجتك؟ فقل: قطيعة تقطعنيها سهلة عليه، ولا قيمة لها ولا منفعة لأحد فيها، فإذا أجابك إلى ذلك، فقل له: تقطعني شعر ذي الرمة، أغني فيه ما أختاره، وتحظر على المغنين جميعا أن لا يداخلوني فيه، فإني أحب شعره وأستحسنه فلا أحب أن ينغصه عليّ أحد منهم، وتوثق منه في ذلك، فقبلت هذا القول منه، وما انصرفت [بعد ذلك] إلا بجائزة من عنده، وتوخيت وقتا للكلام حتى وجدته، فقمت وسألت كما قال لي، فرأيت السرور في وجهه، وقال: [ص ٢٤٥] ما سألت شططا، قد أعطيتك ما سألت، فجعلوا يتضاحكون من قولي، ويقولون: لقد استضخمت القطيعة وهو ساكت، فقلت:

يا أمير المؤمنين أتأذن لي في التوثق «١» ؟ قال: توثق «١» كيف شئت، فقلت: بالله وبحق رسوله وبتربة أمير المؤمنين المهدي، إلا جعلتني في ثقة من ذلك، بأن تحلف لي بأن لا تعطي أحدا من المغنين جائزة على شيء يغنيه في شعر ذي الرمة، فإن ذلك وثيقتي، فحلف مجتهدا له لئن غنّاه أحد منهم في شعر ذي الرمة لا أثابه ولا أبره ولا سمع غناءه، فشكرت فعله وقبلت الأرض بين يديه، فانصرفنا فصنعت مئة صوت وزيادة عليها في شعر ذي الرمة، وكان إذا سمع منها شيئا طرب، وزاد في الطرب، ووصلني وأجزل، ولم ينتفع به أحد منهم غيري، فأخذت والله منه ألف ألف درهم، وألف ألف درهم.

قال: اجتمع إبراهيم الموصلي وزلزل وبرصوما بين يدي الرشيد، فضرب زلزل وزمر برصوما وغنى إبراهيم: «٢» [الوافر]

صحا قلبي وراع [إليّ] عقلي ... وأقصر باطلي ونسيت جهلي «٣»

<<  <  ج: ص:  >  >>