للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شافهنا بالارتفاع على بعد مسافته، وحصر متفرق الأنوار في مجرى عضادته، واحتوى على قطري الشمال والجنوب، وأطلع باللّطف على خفيات الغيوب؛ متّعك الله باستخدامه، وأسعدك بمواقع أحكامه، وأغناك بالتوفيق عمّا يستمده منه، وبالخيرة عن الاختبارات الصادرة عنه، وقد آنست وحشته من فهمك بسكنه، ورددته من ذكائك إلى وطنه، فإن رأيت أن تديله من الأفهام الصدئة بصفاء بصيرتك، وتقرّه في أمنع قرار من كنف فطنتك، فعلت إن شاء الله تعالى.

ومنه قوله يستهدى دواة من الأبنوس بآلاتها: ولعل المولى ينعم بدواة تكون للكتابة عتادا، وللخواطر زنادا؛ جدولية العطفين، هلالية الطرفين، مسكية الجلدة، كافورية الحلية، فسيحة الأحشاء، مهفهفة الأعضاء، فهي من لون جلدتها، ووشائع حليتها: [الخفيف]

كشباب مجاور لمشيب ... أو ظلام موضّح بنهار

أضمرت آلة النّهى فهي كالقل ... ب وما تحتويه كالأفكار

يقارنها قضبان «١» من ذخائر السحاب، وودائع التّراب؛ كلّ معدل الكعوب، قويم الأنبوب، باسق الفروع، رويّ الينبوع، نقي الجسد، نازح العقد، مختلف الشيات، متفق الصفات، مما اعتنت الطبيعة بتربيته، وتبارت الدّيم في تغذيته، كالجوهر المصون، واللّؤلؤ المكنون؛ ملتحف الأجساد بمثل خوافي أجنحة الجراد، أولى باليد من البنان، وآنس بخفي السر من اللسان، مقترن ذلك بمدية لا تفتقر إلى جلب «٢» ، ذات غرار ماض، وذباب قاض، ومنسر ناويّ، وحديد سمائي، وجوهر هوائي، ونصاب زنجي، وحد لجي، معه مقطّ، يرتفع عليه تقديرها وينحطّ، ذو جسد بجراحها مكلوم، وجلد بآثارها موسوم: [البسيط]

<<  <  ج: ص:  >  >>