والأرض تنخسف زلزالا بكافتهم؛ ثم دخلنا البلد والسيف يأخذ من أدركه، والطّعن ينحر من استملكه، ثم رجعنا على من استعصى بالكنيسة، فخاطبونا بلسان الإذعان، وراسلونا في التماس الأمان، فأجبناهم إلى ذلك مشترطين ما منعهم حظّ الإسلام من قبوله، فاقتطعهم الطّمع عن تحصيله، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ
«١» وبرقت لهم مكائد النشاب، ودخلت عليهم رسل الموت على أجنحة النّسور من كل باب، فاستنزلناهم بحكم السيف وهم مهطعون وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كارِهُونَ
«٢» وأقمنا على أعلى جدرانه الأذان، ورتبنا المصلّبين مواضع الصّلبان، ثم انقلبنا بأسعد منقلب، وأربح مكتسب؛ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ
«٣» .
ومنه قوله يصف تشريفا وفرسا وصلا إلي أبي تغلب بن حمدان من الخليفة: وصل كتاب أمير المؤمنين مطلقا إلى الرّشد بالتوقيف، مقترنا بخصائص التّكرمة والتشريف؛ فقبّلت من الملبس الشريف مواقع أفضاله، واعتلقت من السعد بأذياله، وبرزت في الخلع الموسومة بإنعامه، والمناطق الناطقة بإكرامه، متدرّعا منها ثياب السكينة والهدى، مختالا من حللها فيما يروق الأولياء ويروع العدى، متقلّدا عضبه الذي هزّ النصر غراره، وأحسن آثاره، عاليا على عنق الزمان، بامتطاء ما حباني به من الجواد الذي تزلّ الأبصار عن صهواته «٤» ،