وتتبلج غرّة الفجر في ظلماته، وهو مع كونه تحلّى بحلية الكافر، يروع كلّ كافر مشرك، ويحقق بركضه أن الليل الذي هو مدرك «١» ؛ والحمد لله الذي جعل صنائع أمير المؤمنين عند من يرتبطها بعلائق شكره، ويحرسها بالتوفّر على جميل ذكرها في ذكره.
ومنه قوله: فلان يطرق الدّهر إذا نظر، وينظر المجد إذا افتخر، سعى إلى العلياء فأدركها، وعاقد عليها الآراء فملكها، وهي ما تدرك بغير السماح، ولا تملك إلّا بأطراف الرّماح.
ومنه قوله: والبلاغة ميدان لا يدرك إلا بسوابق الأذهان، ولا يسلك إلا ببصائر البيان؛ وقل من يركب طريقها على التغرير، أو أمل قطعها بالتقصير، إلا فضحته المطاولة، وكشفت خلله المساجلة، فسقط من حيث أمل الرّفعة، وذلّ من حيث حاول المنعة.
ومنه قوله: وأما هذا الفتح، فأوصافه لا تدرك بالعبارات، ولا تدخل تحت العرف والعادات:[البسيط]
فتح أنار الهدى بعد الظلام له ... واسترجع الدّين من بعد الرّهان به