ومن ماس كأنّما أعارت بعضه السّنانير أحداقها، أو وهبت باقيه حوّ الشّقائق أوراقها؛ ومن ولدان كاللّؤلؤ المنثور، ونساء خلقن أنموذجا للحور، ومن أفيال كالأسود، محطومة بالأساور السّود، حكت أطوادا فارعة، وأمواجا متدافعة، تئنّ الأرض من وطء أطرافها، وتخفّ «١» من ثقل أخفافها؛ تقف كأشخاص القصور، وتتدفق كأمواج البحور، وكأنّها بيوت والخراطيم رواشنها المعلقة، وكأنها ليال افترست النّهار، فلم يبق منه إلّا ما على أنيابها من جلوده الممزقة، يراها الرّاءون هضابا ثابتة، وجبالا نابتة، في ثقل أجسام، وخفّة أقدام؛ كأنّها صدع الجبال عند طارقة الزّلزال، تناجي بصور التهويل والتفخيم، وتفتك بالأيدي والخراطيم؛ إن استدري بها في الوغى، ضربت بين النفوس والآجال بسور، وإن خفّت إلى الحروب، رأيت قلوب اللّيوث تحت أجنحة النّسور؛ فلندع هذه النّعمة التي عقدت بالنّجوم ضفائرها، وأفاضت على الشّرق بعضها وعلى الغرب سائرها، وإنّا لنرجو أمثالها، ما دامت العيون حافظة سوادها، والعواتق حاملة نجادها.
ومنه قوله: المؤمن البشر لا من ورق الشجر، إذا مات فقد فات، وليس ممّا يعود، كما يورق ما عري العود.