بيني الرّجال [وغيره] يبني القرى ... شتّان بين مزارع ورجال
والحمد لله الذي جعل ماله «١» له مسرة، يوم يرى الذين يكنزون الذّهب والفضة المال عليهم حسرة؛ ما أحسب أحدا من هذه الأمة إن كان عند الله من أهل الشهادات بين يديه، وإن كان كريم الوفادة لديه، إلا تلقاه شاكرا لهذا السّلطان، شاهدا بما يولي هذه الأمة من الإحسان وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ
«٢» .
سيحصد الزارعون ما زرعوا، والله يزيده توفيقا إلى توفيقه، ويلهم كلّ مسلم القيام بمفترض بره، ويعيذه من محذور عقوقه؛ وأنا أعلم أن الحضرة تفرد لي شطرا من زمانها المبهم، بكتاب لله تكتبه إليّ، وخبر سار تورده عليّ؛ وأنا أفرد شطرا من زماني لشكرها، وأسرّ والله لها بتوفيق الله في جميع أمرها، فإنّ الذاكر لها بالخير كثير، فزاد الله طيب ذكرها.
ومنه قوله: والمشكوّ في هذا الوقت وجع المفاصل وآلامها وأورامها، فيديّ منها في جامعة، ورجليّ منها في واقعة، وأعضائي كلّها قد رابتني بعد صحة، وصارت لما تمّ عليها من أيديّ الرّاقين والذّاكرين كأنها خرزات سبحة، ولقد سئمت تكاليف الحياة، وسهلت عليّ تخاويف الوفاة، وحملت الأيّام على ظهري حمل الحطب، فما يسوى أن تشتعل فيها نار أجل يكون من الأنفاس المزعجة ذات لهب، وما أغربت على الأيام في تهجّمها، ولا جاءتني آيات الكبر في غير موسمها؛ ومن استضاء بسراج المشيب مسته اللّيالي في ظلمها، فقد صرعتني الأمراض،