للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمّارا وفي الكيد عمرا «١» ، فلا تحظى به دولة إلا فخرت على الدول وقالت:

أعلى الممالك ما يبنى على الأقلام لا على الأسل، والقلم مزمار المعاني، كما أن أخاه في النّسب مزمار الأغاني؛ وكلاهما شيء واحد في الإطراب غير أن أحدهما يلعب بالأسماع، والآخر يلعب بالألباب.

ومنه قوله:

وقلمه هو الذي إذا قذف بشهب بنانه رأيت نجوما، وإذا ضرب بشبا حدّه رأيت كلوما، وإذا صور المعاني في ألفاظها رأيت أرواحا وجسوما، ولطالما قال فاستخفّ موقّرا وكسا وقارا، وأطال فوجدت إطالته بحلاوته إقصارا، فهو دقّ المعاني المخترعة، يستخرجها من قليبها، ويبرزها في ثوبها القشيب، وليس خلق الأثواب كقشيبها، يجتني معانيه من ثمرات مختلفة طعمها، وينسج ألفاظه من ديابيج مؤتلفة رقمها.

ومنه قوله في ذم كاتب:

لا يمشي قلمه في قرطاس له إلّا ضلّ عن النّهج، ولا يصوغ لفظا إلّا قيل: ربّ حدث من الغم كحدث من الفرج، ولكن ما كل من تناول قلما كتب، ولا كل من رقا منبرا خطب، والدّعاوى في هذا المقام كثيرة، ولكن ليس القنا كغيرها من القصب.

ومنه قوله «٢» :

وكان بين يدي شمعة تعمّ مجلسي بالإيناس، وتغنيني بوحدتها عن كثرة الجلاس، وينطق لسان حالها أنّها أحمد عاقبة من مجالسة النّاس؛ فلا الأسرار

<<  <  ج: ص:  >  >>