الألباب حائرة، وتمثلت فيها الأرض مائرة، والجبال سائرة، وأغمد سيف الله الذي كان على أعدائه دائم التجريد، وخفت الأرض من جبلها الذي كان يمنعها أن تميد، وأصبح الإسلام وقد فقد ناصره، فهو أعظم فاقد لأعظم فقيد، وليس أحد من الناس إلا وقد أصم سمعه الخبر، وأصيب في سواد القلب والبصر، وقال وقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول عمر، ولما غلبت على الدفاع عنه ألقيت بيدي إلقاء مكسور الجناح، واستنجدت الدموع والدموع من شر السلاح، ونظرت إلى العساكر حوله ولا غناء لها عن كثرة السيوف والرماح، وقد ودعته وداع من لا مطمع له في إيابه، وحال الترب بيني وبينه فصار بعيدا مني على اقترابه، وبرغمي أن يمشي لي قلم بعزائه، وأن أكاتب به أعز أعزائه، وليس عندي صبر حتى أحثّ على مثله، ولو كنت من رجاله لغلبني الأسى بخيله ورجله، والذي يستنطقه المولى من رأي فإن هذه الرزية أخرسته عن الكلام، وتوفته مع مخدومه الذاهب فاستويا جميعا في الحمام، ولكن في وصية عبد الملك لأولاده ما يغني عن الآراء واستنطاقها، وقد ضرب لهم مثلا في الاجتماع والافتراق باجتماع القداح وافتراقها؛ والسلام.
ومنه قوله ما كتبه إلى الأفضل عليّ عند عوده إلى الديار المصرية المحروسة:
يقبل الأرض بالمقام الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الأفضليّ النوريّ، جعل الله الليالي والأيام من جنده، وأظهر آيته في اعتلاء أمره وتجديد جده، ووهبه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، وعقد له لواء نصر لا شركة للناس في عقده؛ ويهنئ مولانا بأثر نعم الله المؤذنة له باجتبائه، حتى بلغ أشده واستخرج كنز آبائه، ولو أنصف لهنأ الأرض منه بوائلها والأمة بكافلها، خصوصا أرض