طورا يدغدغه الشمال وتارة ... يكرى فتوقظه بنات الخزرج
«١»
والبدر قد ألقى سنا أنواره ... في لجه المتجعد المتدبج
فكأنه إذ قدّ صفحة متنه ... بشعاعه المتوقّد المتوهّج
نهر تكون من نضار مائع ... يجري على أرض من الفيروزج
قالها الملك الناصر داود، وبعث بها إليه يعرضها عليه؛ وهي أبيات يحق لها أن توصف بجودتها وشرف قائلها، وإن لم تحل الذروة، ولا أو شكت؛ ثم نعود إلى تتمة ما نذكره:
فمن قوله:
يقبل الأرض، وينهي أنه فارق مالك رقه مرارا، وما وجد لفراقه من الألم ما وجده هذه المرة، وبعد عن جالب رزقه، فانضرّ ولا مثل هذه المضرة، حتى لقد توهم أنها فرقة الأبد، وداخله من الأسف ما لم يبق معه صبر ولا جلد، وكلما شرع في الصبر أبى الذكر أن يحدث له صبرا، وكلما سهل عليه الأمر لم يزده تسهيله إلا عسرا؛ والله تعالى يسهل من اللقاء كل صعب عسير، ويجمع شمل المملوك بمالكه وهو على جمعهم إذا يشاء قدير.
ومنه قوله:
المملوك يشافه أرض مالكه بقبول خضوعه، ويبل ترابها بوابل دموعه، ويستقل فيضها ولو أنه من سيل نجيعه، لما ناله من الحادث المؤلم الملم، والخطب المظلم المدلهم، بانتقال الولد العزيز، الملك العزيز؛ فلقد ورد المملوك من الكتاب الوارد بنعيه مشرعا كدر الموارد، عسر المصادر «٢» ، وحضر منه مجمعا كثير