وحصل العطف والتوكيد بهذا النعت وهذا البدل، فالحمد لله الذي تدارك بالجبر كسر الإسلام، وحسم بالبرء موادّ الآلام، وأزال باليقين عوارض الأوهام، وعاجل بالرتق فتق الأيام؛ فيالها دعوة أجاب داعيها كل مبصر وسامع، وأمّن عليها كل ساجد وراكع، وتليت آياتها في كل مصر جامع، وتلقّى العبد هذه النعمة بالشكر الذي استغرق غاية جهده ونهاية وسعه، وأكثر الحمد لله على ما أولى من جزيل منّه وجميل صنعه، وسارع إلى تلقي المثال الكريم باتباعه وامتثاله، وأخذ البيعة على نفسه وشيعته ورعيته، وأعلن بالدعاء لإمامه، على منابر بلاده، التي هي من إنعامه، ولولا أنه في مقابلة عدو الدين لما قنع في تأدية فرض العين بسنة النيابة، وكان يسعى إلى الباب الكريم بعزيمة وارية غير وانية، ويشفع هجرته الأولى إلى الحرم الشريف بهجرة ثانية.
ومنه قوله في توقيع لقاضي القضاة محيي الدين أبي الفضل يحيى بن الزكي العثماني «١»
:
ونحا سيرة أجداده فما عدل عنها ولا حاد، وفضل بالفضائل فما عد غيره في الجم الغفير إلا كان معدودا في الأفراد والآحاد، فإذا تولى أمرا بلغ فيه أقصى الأمل والإرادة، وإذا باشر مهما استقصى الغرض فلم يبق موضعا للزيادة؛ فرأينا أن ننوله من رتب السعادة ما رأيناه له أهلا، وأن نؤتيه منا فضلا، وأن ننصبه بين أهل بلده حاكما، وننضيه لحسم مواد المخاصمات صارما، ونحمله من أعباء المناصب ما يكون بحقوقه قائما، ويرتضى منه لتدبير عوالي المراتب طبا خبيرا، وإماما عالما.