الحمد لله جامع الشمل بعد الشتات، وواصل الحبل بعد البتات، ومحيي الأرض بعد الممات، ومنزل الماء الثجاج من المعصرات لإخراج الحب والنبات، والعالم بما كان وما يكون وما مضى وما هو آت؛ وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، شهادة تضاعف الحسنات، وتمحو السيئات؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بالآيات البينات، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار وأزواجه الطاهرات، صلاة باقية بعد نفاد الأزمنة وفناء الأوقات؛ وبعد:
فالنكاح من السنن التي أمر الله بها، وندب إليها، ورغّب رسوله صلى الله عليه وسلم فيها، وحض عليها، فقال تعالى في كتابه العزيز المنزل على أفضل أنبيائه ورسله، الذي لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله لا يأتون بمثله:
«٢» . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المخصوص بالشفاعة والكرامة «٣» : «تناكحوا تناسلوا أباهي بكم الأمم يوم القيامة» وقد جعل الله تعالى للزوجين أن يتواصلا وأن يتقاطعا، وأن يتباينا وأن يتخالعا، ورخص لهما في المراجعة بقوله تعالى: فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا
«٤» وكان من قضاء الله السابق علمه، وقدره المارق سهمه، ما ذكر في هذا الكتاب المقرون