أصفى من الماء، وأورى من النجوم في الظلماء، وأغرب من عنقاء، وأطرب من ورقاء.
وكتب الإنشاء مصرا وشاما فكبت، وجرت معه القرائح إلا أنها السوابق فكبت، وطاب به الواديان، وطال الناديان، وقلد الممالك ما هو أعلق بها من أطواق الحمائم، وأعبق فيها [] جنوب الغمائم.
وله التصانيف الكثيرة الكبيرة بنفسها، الأبكار التي ما أوت إلا سرادق نفسها.
* ومما كتب لي من نثره، وأتبعه من شعره قوله؛ من ذلك كتاب كتبه بشارة بوفاء النيل، وهو: ضاعف الله نعمة الجناب العالي، وسر نفسه بأنفس بشرى، وأسمعه من أنباء الهناء كل آية أكبر من الأخرى، وأقدم عليه من المسار ما يتحرز ناقله ويتحرى، وساق إليه كل طليعة إذا تنفس صبيحها تفرق الليل وتفرى، وأورد لديه من أخبار الخصب ما يتبرم به محل المحل ويتبرا؛ هذه المكاتبة إلى الجناب العالي، تخصه بسلام يرق كالماء انسجاما، ويروق كالزهر ابتساما، وتتحفه بثناء يجعل المسك له ختاما، ويضرب له على الرياض النافحة خياما، وتقص عليه من نبأ النيل الذي خص البلاد المصرية بوفادة وفائه، وأغنى به قطرها عن القطر فلم تحتج إلى مد كافة وفائه، ونزهه عن منة الغمام الذي إن جاد فلابد من شهقة رعده ودمعة بكائه، فهي الأرض التي لا يذم للأمطار في جوها مطار، ولا يزم للقطار في بقعتها قطار، ولا ترمد الأنواء فيها عيون النوار، ولا تشيب بالثلوج مفارق الطرق ورؤوس الجبال، ولا تبيت البروق ساهرة لمنع العيون من تعهد الخيال، ولا تفقد فيها حلى النجوم لاندراج الليلة تحت السحب بين اليوم وأمس، ولا يتمسك المساكين في شتائها كما قيل بحبال الشمس، وأين أرض يخمد عجاجها بالبحر العجاج، وتزدحم في ساحاتها أفواج الأمواج، من أرض لا تنال السقيا إلا بحرب، لأن القطر سهام، والضباب عجاج قد انعقد، ولا يعم الغيث