بقاعها، لأن السحب لا تراها إلا بسراج البرق إذا اتقد، فلو خاصم النيل مياه الأرض لقال: عندي قبالة كل عين إصبع، ولو فاخرها لقال: أنت بالجبال أثقل، وأنا بالملق أطبع، والنيل له الآيات الكبر، وفيه العجائب والعبر، منها: وجود الوفاء، عند عدم الصفاء، وبلوغ الهرم، إذا احتد واضطرم، وأمن كل فريق إذا قطع الطريق، وفرح قطان الأوطان إذا كسر، وهو كما يقال سلطان، وهو أكرم منتمى، وأشرف منتدى، وأعذب مجتنى، وأعظم مجتدى، إلى غير ذلك من خصائصه، وبراءته مع الزيادة من نقائصه، وهو أنه في هذا العام المبارك، جذب البلاد من الجدب وخلصها بذراعه، وعصمها بخنادقه التي لا تراع من يراعه، وحصنها بسواري الصواري، وما هي إلا عمد قلاعه، وراعى الأدب بين أيدينا الشريفة بمطالعتنا كل يوم بخبر قاعه في رقاعه، حتى إذا أكمل الستة عشر ذراعا، وأقبلت سوابق الخير سراعا، وفتح أبواب الرحمة بتغليقه، وجد في طلب تخليقه، تضرع بمد ذراعيه إلينا، وسلم عند الوفاء بأصابعه علينا، ونشر علم ستره، وطلب لكرم طباعه جبر العالم بكسره، فرسمنا بأن يخلّق، ويعلّم تاريخ هنائه ويغلّق، فكسر الخليج وقد كاد يعلوه فوج موجه، ويهيل كثيب سده هول هيجه، ودخل يدوس زرابي الدور المبثوثة، ويجوس خلال الحنايا كأن له فيها خبايا موروثة، ومرق كالسهم من قسي قناطره المنكوسة، وعلا زبد حركته، ولولا ظهرت في باطنه من بدور أناسه أشعتها المعكوسة، وبشّر بركة الفيل ببركة الفال، وجعل المجنونة من تياره المتحدر في السلاسل والأغلال، وملأ أكف الرجاء بأموال الأمواه، وازدحمت في عبارة شكره أفواج الأفواه، وأعلم الأقلام بعجزها عما يدخل من خراج البلاد، وهنأت طلائعه بالطوالع التي نزلت بركاتها من الله تعالى على العباد، وهذه عوائد الألطاف الإلهية بنا، التي لم نزل نجلس على موائدها، ونأخذ ما نهبه لرعايانا من فوائدها، ونخص بالشكر قوادمها، فهي