للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تدب حولنا وتدرج، ونخص قوادمها بالثناء والمدح، فهي تدخل إلينا وتخرج، فليأخذ الجناب العالي حظه من هذه البشرى، التي جادت بالمن والمنح، وانهلت أياديها المغدقة بالسح والسفح، وليتلقاها بشكر يضيء به في الدجى أديم الأفق، ويتخذها عقدا يحيط منه بالعنق إلى النطق، وليتقدم الجناب العالي بأن لا يحرك الميزان في هذه البشرى بالجباية لسانه، وليعط كل عامل في بلادنا بذلك أمانه، وليعمل بمقتضى هذا المرسوم حتى لا يرى في إسقاط الجباية خيانة؛ والله تعالى يديم الجناب العالي لقص الأنباء الحسنة عليه، ويمتعه بجلاء عرائس التهاني والأفراح لديه، بمنه وكرمه.

ومن ذلك جواب كتبه عن النائب بالشام، إلى الملك الأفضل صاحب حماة، وقد أرسل مشمشا كافوريا: لا زال إحسانه كالعلم المشهور، وجوده المنظوم يهدي من الثمرات ما هو كاللؤلؤ المنثور، وبره يتحف بما هو كالشهد في الطعم واللون، وكالنجم في الشكل والنور، وكرمه يتضوع نشرا، وكيف لا وقد جاد بما ينسب إلى الكافور؛ وينهي ورود المشرفة العالية قرين ما أنعم به مولانا من المشمش الكافوري، فوقف عليها وقابل إحسانه بشكر يشرق نورا، وثناء يدير على الأسماع كأسا كان مزاجها كافورا، وواجه جوده بحمد يتلوه منه وجه الروض بمنثوره، وتجد الألسنة لمنظومه لذة تنسي الأسماع ما قاله أبو الطيب في كافوره، ومتع ناظره بتلك الكواكب التي اتسقت من العلب في أفلاك، وتنسّقت كالدرر وما لها غير حسن الرصف أسلاك، وتأملها وهي كرات بلور اكتنفها الأصيل والشفق، وركبت حين ملأت الصدور طبقا عن طبق، فأكرم بها هدية كانت بحلل الأشجار أزرارا، ولجنات الأوراق نارا؛ كيف مكنت فروعها يد قاطفها من السلب؟ وكيف أقبلت في حلة الروع والوجل وهي طيبة القلب؟

كأنها لم تكن لقسي الغصون بنادق، ولا في رقع الأوراق بنادق، فالله يشكر

<<  <  ج: ص:  >  >>