لمولانا هذا الإحسان العلوي الذي جاد بالنجم زهرا، والجود الروضي الذي ملأ العيون حسنا وملأ الصدور درا، وأدام الله أيامه التي تسبق فيها الغرائب، وتستبق إلى مكارمها الرغائب، بمنه وكرمه.
ومن ذلك جواب كتبه إليه أيضا، وقد أهدى إليه رخاما ملونا: وينهي وصول الرخام الملون الذي فتح به عين هذه الدار المكونة، وأهدى إلى روضها الذاوي أزهاره الملونة، ولا غرو فإن العيون توقظها الشموس بالأشعة من المنام، والأزهار توجد بالرياض من جود الغمام، ولو لم يكن كرم مولانا سحابا، لما جاد بألوان قوس قزح، ولو لم يكن علوه كالشمس لما انبعثت عنه أنوار تلهب شعاعها في هذه الدار وقدح، وتحاشى المملوك تشبيه ذلك بالزهر، فإن هذا أبدا يانع، وذلك يؤول إلى الذبول، أو التمثيل بالأشعة، فإن هذا أبدا مشرق، وذاك بذهاب سره يحول ويزول؛ وهذه معجزة كرم لمولانا، فإن ريش الطاووس صار له جلمدا، وقوس السحاب تجسّد له على طول المدى، فلو ناظره مباه بمحاسنه لكان له الفخر، ولو حاولت المياه أن تبليه لما بالى بما لها عليه من الزخر، ولو أجرت دموعها عليه لما لابتك، فما كل باك خنساء، ولا كل جماد صخر، ولو رأته العيون لسبحت الألسن من راح له صانعا، ولو أراد بليغ أن يقوم بحقه وصفا لوجده مانعا، والله يشكر لمولانا هذا الإحسان المديد الوافر، والفضل الأفضلي الذي أنبت في الروض أزاهر.
ومن ذلك مقامة أنشأها في الحريق الذي اتفق بدمشق، سنة أربعين وسبعمئة، وسماها «رشف الرحيق في وصف الحريق» وهي: حكى شعلة بن أبي لهب عن أبي الزناد شهاب، أنه قال: لم تزل أذني متشنفة بأوصاف دمشق، متلذذة بماء الأقلام في ذكر محاسنها من التعليق